اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 568
وشأنه ولا تميلوا نحوه ولا تلتفتوا اليه حَتَّى حِينٍ ومضى مدة وزمان ليظهر لكم خبطه واختلاله او يفيق عما هو عليه من الخبط والجنون وعاد على ما كان قبل ثم لما سمع منهم نوح عليه السّلام ما سمع من التجهيل والتسفيه وايس منهم وقنط عن ايمانهم وصلاحهم
قالَ مشتكيا الى الله مستعينا منه رَبِّ يا من رباني بأنواع الكرم وأرسلني الى هؤلاء الضالين عن سواء سبيلك لأهديهم الى توحيدك فبلغت ما أرسلت به إياهم فلم تقبلوا منى بل قد كذبوني وسفهونى انْصُرْنِي يا رب باهلاكهم وتعذيبهم بِما كَذَّبُونِ اى بدل تكذيبهم إياي وبسببه
فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ انجازا لما قد وعدنا إياهم من العذاب والهلاك بعد تكذيبهم الرسول وعموم ما جاء به من عندنا من الايمان والتوحيد وجميع المعتقدات الاخروية أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ واعمل السفينة الموعودة لك ولا تخف عن فسادها بعدم تعلمك من احد بل اصنعها أنت بِأَعْيُنِنا وبين أيدينا وفي حضورنا نحفظك عن عروض الخطأ والفساد في صنعها وَأعملها على مقتضى وَحْيِنا وأمرنا وتعليمنا لك كيفية صنعها ولا تبال بتسفيههم لك واستهزائهم معك ونسبتك الى الخبط والجنون وانواع الأذيات فَإِذا جاءَ أَمْرُنا الوجوبي المتعلق باغراقهم واستئصالهم وَفارَ التَّنُّورُ المعين المعهود في حضرة علمنا فورة ونبع منه الماء نبعة فَاسْلُكْ أنت حينئذ وادخل على الفور فِيها اى في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ اى من كل نوع من الحيوانات اثنين ذكرا وأنثى إبقاء لعموم الأنواع في العالم وَاسلك ايضا فيها أَهْلَكَ ومن ينتمى إليك قرابة ودينا إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ والحكم منا وجرى في لوح قضائنا وحضرة علمنا بانه من الهالكين مِنْهُمْ اى من أهلك يعنى ادخل عموم أهلك سوى من مضى قضاؤنا ونفذ حكمنا بغرقه وهلاكه وهو ابنه كنعان وَبعد ما سبق القضاء منا باهلاك من كفر من أهلك عليك ان لا تُخاطِبْنِي يا نوح ولا تدع الىّ في حق من سبق الحكم منى بغرقه ولا تسع فِي خلاص القوم الَّذِينَ ظَلَمُوا على أنفسهم بالعرض على عذابنا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ معدودون عن عداد الغرقى الهلكى ولا اثر لدعائك لهم بعد ما قد صار الأمر منا حتما مقضيا وصدر الحكم عنا مبرما جزما
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ يا نوح وتمكنت وَتمكن ايضا مَنْ مَعَكَ مع المؤمنين عَلَى الْفُلْكِ وصرتم متمكنين مستقرين عليها فَقُلِ شكرا لما أنعمنا عليك من انجاز النصرة المعهودة الموعودة لك وإهلاك عدوك وغير ذلك من النعم العظام الواصلة إليك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا من سعة رحمته وكمال جوده ومرحمته مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى العقل والشرع عتوا وعنادا
وَقُلْ ايضا بعد ما تمكنت على السفينة رَبِّ أَنْزِلْنِي بفضلك ولطفك مُنْزَلًا مُبارَكاً كثير الخير والبركة وَأَنْتَ من كمال جودك خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ لو فرض منزل سواك ومع انه لا منزل غيرك ولا وجود لسواك لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم
إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من قصة نوح مع قومه ونجاته من الغرق وهلاك قومه وتعليم صنع السفينة عليه وخروج الماء من التنور المعهود واحاطته على وجه الأرض وشموله عليها ونجاة من كان في السفينة وغير ذلك من الأمور البديعة لَآياتٍ دلائل واضحات على كمال قدرتنا وارادتنا واختيارنا في عموم أفعالنا وتصرفاتنا على المعتبرين المتأملين في بدائع الأمور وغرائبها الناظرين بعين العبرة والاستبصار في حدوث أمثال هذه الوقائع الهائلة وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ اى ان الشأن والأمر انا باحداث هذه الحوادث مع قوم نوح لمختبرين مجربين عموم عبادنا لننظر من يعتبر ويتعظ بها منهم وما هي الا تذكرة وتذكير منا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 568